بسم
الله الرحمن الرحيم
البيان
تعريفه،
مراتبه، هل يجوز بيان النص بما هو دونه سندا ودلالة؟، جواز بيان مجمل الكتاب
والسنة، مسألة تأخير البيان ومتى يجب؟ تحرير محل النزاع وذكر الخلاف فيه، والتخريج
على قاعدة البيان.
تعريفه:
(البيان) لغة:
الإيضاح والكشف. و(المبيَّن) الموضح.
اص: يطلق على الدليل الذي أوضح المقصود
بالمجمل، وهو (المبيِّن).
ويطلق
على الخطاب الواضح ابتداء.
فـ(المبين) إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز الوضوح.
وهذا يقابل المجمل.
وقيل: ما دل على معنى معين من غير
إبهام. وهذا أعم.
مراتب
البيان
بم
يكون البيان؟ له مراتب
فيحصل
بأمور بعضها اقوى من بعض:
1- القول
وهو
الكلام المسموع، وهذا هو غالب البيان الحاصل في الشريعة، كبيان أنصبة الزكاة
والقدر الواجب فيها بالقول، ومنه قوله تعالى ((إلا ما يتلى عليكم)) بقوله ((حرمت
عليكم الميتة)).
2- الفعل
وهو
أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ما يبين مجمل القرآن أو سنة سابقة، كبيان صفة
الصلاة.
3- الكتابة
وهو
أن يكتب النبي صلى الله عليه وسلم ما يبين بعض الفرائض، ككتابه لأهل اليمن الذي
فيه بيان زكاة بهيمة الأنعام.
4- الإشارة
بأن
يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى المراد، كقوله (الشهر هكذا وهكذا وهكذا) وأشار
بأصابعه في كل منها بما يبين المراد.
5- التنبيه
بالإيماء
إلى المعنى الذي يعلق عليه الحكم حتى يكون علة له، يوجد الحكم بوجودها.
كقوله
عليه الصلاة والسلام (أينقص الرطب إذا جف) إشارة إلى أن العلة في التحريم عدم
تساوي الرطب والتمر.
6- الترك
أن
يترك النبي صلى الله عليه وسلم فعل الشيء مع قيام الداعي له، كما ترك الوضوء مما
مسته النار مع أنه كان يتوضأ من الأكل مما مسته النار، ففهم الصحابة من فعله نسخ
الحكم السابق.
وقد
يجعل الترك داخلا في الفعل؛ لأن الأكثر يعدون الترك فعلا للضد مع قيام الداعي.
-
والترك إن كان مع وجود المقتضي الداعي للفعل دل على عدم المشروعية، مثل: ترك أخذ
الزكاة من الخضروات.
-
وأما الترك المطلق فإنما يكون دليلا على عدم الوجوب، مثل: ترك مباشرة الأذان
والإقامة لا يدل على كراهتها له ولا للأئمة بعده.
وليس
كل ترك يمكن أن يكون بيانا، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد يترك فعل الشيء لعدم
وجود الداعي له، كما ترك جمع القرآن في مصحف.
هل
يجوز بيان النص بما هو دونه سندا ودلالة؟
ج:
يجوز وهو قول الجمهور، فتبين المتواترات بالآحاد ، وبيان المنطوق بالمفهوم.
جواز
بيان مجمل الكتاب والسنة
فيجوز
بيان مجمل الكتاب بالسنة الصحيحة متواترة كانت أو آحادا، لقوله تعالى ((وأنزلنا
إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم))
وهذا
يشمل بيان مجمله، وتخصيص عمومه، وتقييد مطلقه.
-
بيان مجمله: ((وأقيموا الصلاة)) بفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
-
تخصيص عمومه: ((وأحل لكم ما وراء ذلكم)) بقوله عليه الصلاة والسلام (لا
تنكح المرأة على عمتها أو خالتها).
-
تقييد مطلقه: ((حتى تنكح زوجا غيره)) بقوله عليه الصلاة والسلام (حتى تذوقي
عسيلته ويذوق عسيلتك).
تأخير
البيان
إما
أن يكون تأخيرا عن وقت الحاجة أو تأخيرا عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة.
(وقت
الحاجة) الوقت الذي يحتاج فيه المكلف إلى البيان؛ ليتمكن من الامتثال.
(وقت
الخطاب) الوقت الذي يسمع فيه المكلف الخطاب، سواء أكان قرآنا أو سنة.
ولا
خلاف في عدم جواز تأخير البيان
عن وقت الحاجة.
واختلفوا
في تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة إلى الفعل
فهل
يمكن أن يخاطب الشارع المكلفين بخطاب مجمل فيه تكليف مطلق أو مؤقت بوقت لم يأت
بعد، ويؤخر بيانه إلى أن يأتي وقت العمل؟
1- [أكثر
العلماء م ش أ] جوازه مطلقا
¬ قوله تعالى ((فإذا قرأناه فاتبع قرآنه
، ثم إن علينا بيانه)) أن الله عطف البيان على الأمر بالاتباع بحرف (ثم)، وهي
للترتيب مع التراخي.
¬ قوله تعالى لنوح ((إنا منجوك وأهلك))
مع ((إنه ليس من أهلك))، فلفظ (أهلك) يشمل الأبناء، ولهذا فهم نوح عليه السلام
دخول ابنه في الناجين فقال ((أن ابني من أهلي)) فبين الله بيانا متأخرا أن ابنه
ليس من أهله الناجين ((إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح)).
¬ ((وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)) مع
الأحاديث الكثيرة التي بينت صفة الصلاة ومقادير الزكاة، ولا يمكن أن يزعم أن
بيانها كان مقارنا لنزول الآيات.
2- [أكثر
ح والمعتزلة وبعض ش] المنع مطلقا.
3- [بعض
المعتزلة] جواز تأخير بيان المجمل دون غيره.
التخريج
على قاعدة تأخير البيان
الشق
الأول: عدم جواز تأخير البيان عن وقت
الحاجة، خرجوا عليه قواعد، من أهمها:
1- حجية تقرير النبي صلى الله
عليه وسلم لما فُعل أو قيل بحضرته أو في زمنه وعلم به.
2- عند الشافعي، من قواعد العموم: ترك
الاستفصال في مقام الإجمال ينزل منزلة العموم في المقال.
أن
النبي صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن مسألة تحتمل أكثر من وجه فأفتى فيها من غير
استفصال من السائل دل ذلك على أن حكم جميع الأوجه واحد.
3- الأصل إجراء العام على عمومه
والمطلق على إطلاقه.
الثاني:
جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة، انبنى على الخلاف فيه مسائل، من أهمها:
-
الخاص المتأخر عن العام هل يعد مخصصا أو ناسخا لما يقابله من أفراد العام؟