الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

[أصول الفقه] البيان

بسم الله الرحمن الرحيم
البيان
تعريفه، مراتبه، هل يجوز بيان النص بما هو دونه سندا ودلالة؟، جواز بيان مجمل الكتاب والسنة، مسألة تأخير البيان ومتى يجب؟ تحرير محل النزاع وذكر الخلاف فيه، والتخريج على قاعدة البيان.

تعريفه:
(البيان) لغة: الإيضاح والكشف. و(المبيَّن) الموضح.
اص: يطلق على الدليل الذي أوضح المقصود بالمجمل، وهو (المبيِّن).
ويطلق على الخطاب الواضح ابتداء.
فـ(المبين) إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز الوضوح. وهذا يقابل المجمل.
وقيل: ما دل على معنى معين من غير إبهام. وهذا أعم.

مراتب البيان
بم يكون البيان؟ له مراتب
فيحصل بأمور بعضها اقوى من بعض:
1- القول
وهو الكلام المسموع، وهذا هو غالب البيان الحاصل في الشريعة، كبيان أنصبة الزكاة والقدر الواجب فيها بالقول، ومنه قوله تعالى ((إلا ما يتلى عليكم)) بقوله ((حرمت عليكم الميتة)).

2- الفعل
وهو أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ما يبين مجمل القرآن أو سنة سابقة، كبيان صفة الصلاة.

3- الكتابة
وهو أن يكتب النبي صلى الله عليه وسلم ما يبين بعض الفرائض، ككتابه لأهل اليمن الذي فيه بيان زكاة بهيمة الأنعام.

4- الإشارة
بأن يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى المراد، كقوله (الشهر هكذا وهكذا وهكذا) وأشار بأصابعه في كل منها بما يبين المراد.

5- التنبيه
بالإيماء إلى المعنى الذي يعلق عليه الحكم حتى يكون علة له، يوجد الحكم بوجودها.
كقوله عليه الصلاة والسلام (أينقص الرطب إذا جف) إشارة إلى أن العلة في التحريم عدم تساوي الرطب والتمر.

6- الترك
أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم فعل الشيء مع قيام الداعي له، كما ترك الوضوء مما مسته النار مع أنه كان يتوضأ من الأكل مما مسته النار، ففهم الصحابة من فعله نسخ الحكم السابق.
وقد يجعل الترك داخلا في الفعل؛ لأن الأكثر يعدون الترك فعلا للضد مع قيام الداعي.
- والترك إن كان مع وجود المقتضي الداعي للفعل دل على عدم المشروعية، مثل: ترك أخذ الزكاة من الخضروات.
- وأما الترك المطلق فإنما يكون دليلا على عدم الوجوب، مثل: ترك مباشرة الأذان والإقامة لا يدل على كراهتها له ولا للأئمة بعده.
وليس كل ترك يمكن أن يكون بيانا، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد يترك فعل الشيء لعدم وجود الداعي له، كما ترك جمع القرآن في مصحف.

هل يجوز بيان النص بما هو دونه سندا ودلالة؟
ج: يجوز وهو قول الجمهور، فتبين المتواترات بالآحاد ، وبيان المنطوق بالمفهوم.

جواز بيان مجمل الكتاب والسنة
فيجوز بيان مجمل الكتاب بالسنة الصحيحة متواترة كانت أو آحادا، لقوله تعالى ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم))
وهذا يشمل بيان مجمله، وتخصيص عمومه، وتقييد مطلقه.
- بيان مجمله: ((وأقيموا الصلاة)) بفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
- تخصيص عمومه: ((وأحل لكم ما وراء ذلكم)) بقوله عليه الصلاة والسلام (لا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها).
- تقييد مطلقه: ((حتى تنكح زوجا غيره)) بقوله عليه الصلاة والسلام (حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك).

تأخير البيان
إما أن يكون تأخيرا عن وقت الحاجة أو تأخيرا عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة.
(وقت الحاجة) الوقت الذي يحتاج فيه المكلف إلى البيان؛ ليتمكن من الامتثال.
(وقت الخطاب) الوقت الذي يسمع فيه المكلف الخطاب، سواء أكان قرآنا أو سنة.

ولا خلاف في عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
واختلفوا في تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة إلى الفعل
فهل يمكن أن يخاطب الشارع المكلفين بخطاب مجمل فيه تكليف مطلق أو مؤقت بوقت لم يأت بعد، ويؤخر بيانه إلى أن يأتي وقت العمل؟
1- [أكثر العلماء م ش أ] جوازه مطلقا
¬  قوله تعالى ((فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ، ثم إن علينا بيانه)) أن الله عطف البيان على الأمر بالاتباع بحرف (ثم)، وهي للترتيب مع التراخي.
¬  قوله تعالى لنوح ((إنا منجوك وأهلك)) مع ((إنه ليس من أهلك))، فلفظ (أهلك) يشمل الأبناء، ولهذا فهم نوح عليه السلام دخول ابنه في الناجين فقال ((أن ابني من أهلي)) فبين الله بيانا متأخرا أن ابنه ليس من أهله الناجين ((إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح)).
¬  ((وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)) مع الأحاديث الكثيرة التي بينت صفة الصلاة ومقادير الزكاة، ولا يمكن أن يزعم أن بيانها كان مقارنا لنزول الآيات.
2- [أكثر ح والمعتزلة وبعض ش] المنع مطلقا.
3- [بعض المعتزلة] جواز تأخير بيان المجمل دون غيره.

التخريج على قاعدة تأخير البيان
الشق الأول: عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة، خرجوا عليه قواعد، من أهمها:
1- حجية تقرير النبي صلى الله عليه وسلم لما فُعل أو قيل بحضرته أو في زمنه وعلم به.
2- عند الشافعي، من قواعد العموم: ترك الاستفصال في مقام الإجمال ينزل منزلة العموم في المقال.
أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن مسألة تحتمل أكثر من وجه فأفتى فيها من غير استفصال من السائل دل ذلك على أن حكم جميع الأوجه واحد.
3- الأصل إجراء العام على عمومه والمطلق على إطلاقه.

الثاني: جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة، انبنى على الخلاف فيه مسائل، من أهمها:

- الخاص المتأخر عن العام هل يعد مخصصا أو ناسخا لما يقابله من أفراد العام؟

[أصول الفقه] النص والظاهر والمجمل -دلالة اللفظ من حيث الظهور والخفاء-

بسم الله الرحمن الرحيم
دلالة اللفظ من حيث الظهور والخفاء (النص والظاهر والمجمل)
برهان الحصر في الثلاثة، وحكمهم،
النص: تعريفه، الظاهر: تعريفه، وبم يكون الترجيح لأحد معنييه، المؤول: تعريفه، التأويل تعريفه وأنواعه، شروط التأويل الصحيح، لفظ التأويل في نصوص الشرع، المجمل: تعريفه، أسباب الإجمال ومواضعه، الفرق بين المجمل والمشترك

ينقسم اللفظ من حيث قوة ظهوره ودلالته عند الجمهور إلى (3) أقسام:
1- النص. 2-الظاهر. 3-المجمل.
وبرهان الحصر في الثلاثة أن الكلام إما أن يحتمل معنى واحدا فقط فهو (النص)
أو يحتمل معنيين فأكثر:
الأظهر منهما والأرجح هو (الظاهر)، أو لا رجحان في أحد معانيه فهو (المجمل).

حكم (النص) لا يعدل عنه إلا بنسخ
و(الظاهر) لا يعدل عنه إلا بدليل على المعنى المرجوح
و(المجمل) يتوقف العمل به حتى يرد دليل على تعيين المراد.

أولا: النص
(النص) لغة: الكشف والظهور.
اص: ما احتمل معنى واحدا فقط
أو هو ما دل على معناه دلالة لا تحتمل التأويل.
كقوله تعالى ((فاجلدوهم ثمانين جلدة)) على مقدار الجلد.
حكمه: دلالته قطعية، ويجب العمل به، ولا يجوز العدول عنه إلا بنسخ.

إطلاقاته:
- يطلق النص في الاصطلاح على ما يقابل الظاهر والمجمل على ما ذكرنا : ما دل على معناه ...
- ويطلق في مقابل الدليل العقلي أو الدليل من المعنى فيقصد به النقل، سواء كان نصا صريحا أو ظاهرا أو مجملا، كما يقول الفقهاء دليلنا النص والقياس.

ثانيا: الظاهر
(الظاهر) لغة: الواضح البين
اص: ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر.
أو ما احتمل معنيين وأريد الراجح منهما.
حكمه: يجب أن يصار إلى المعنى الراجح ولا يجوز تركه إلا بدليل -هو التأويل-.

كيف يكون الترجيح في أحد المعنيين من الظاهر؟ (3)
1- بالوضع: كالأسد، فإنه موضوع للحيوان المفترس فيترجح فيه، ويحتمل الرجل الشجاع.
2- بالعرف الخاص: كالصلاة في عرف الشرع، فإن لفظ الصلاة معناه الراجح الأفعال ... إلخ التعريف، ويحتمل الدعاء.
3- بالعرف العام: كالدابة راجحة في ذوات الأربع، مرجوحة في كل ما يدب.

(المؤول) لغة: اسم مفعول من التأويل، فمعناه: المرجوع به، والتأويل: الرجوع.
اص: اللفظ المحمول على الاحتمال المرجوح بدليل. -أو- اللفظ المصروف عن ظاهره بدليل.
(التأويل) حمل اللفظ على الاحتمال المرجوح بدليل. -أو- صرف اللفظ عن ظاهره إلى محتمل مرجوح بدليل.
وهو إما صحيح أو فاسد:
1- (التأويل الصحيح) حمل اللفظ على الاحتمال غير المتبادر للذهن بدليل يقتضي ذلك.
مثل: تخصيص العام بدليل خاص، كقوله تعالى ((وأحل الله البيع وحرم الربا)) بالأحاديث الدالة على تحريم بيع الغرر بأنواعه.
2- (التأويل الفاسد) حمل اللفظ على الاحتمال غير المتبادر للذهن بدليل ضعيف لا يقوى على صرف اللفظ عن ظاهره.
مثال: تفسير اليد بالقدرة في قوله تعالى ((يد الله فوق أيديهم))
وكتأويل الحنفية لحديث (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل) بأن المراد بها الصغيرة أو الأمة أو المكاتبة.

شروط التأويل الصحيح: (2)
1- أن يكون اللفظ محتملا للمعنى الذي يراد صرفه إليه في لغة العرب أو في عرف الاستعمال.
2- أن يقوم التأويل على دليل صحيح، إما من السياق أو من دليل آخر لا يمكن الجمع بينهما إلا بهذا التأويل.

معنى التأويل شرعا
لم يأت معنى التأويل في نصوص الشرع على المعنى الاصطلاحي
وإنما جاء للمعاني التالية:
1- ما يؤول إليه الأمر، كحقائق ما أخبر الله من البعث والحساب كما في قوله تعالى ((وما يعلم تأويله إلا الله)) بناء على الوقف عند اسم الله تعالى.
2- التفسير، كقوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) وقوله تعالى ((وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين)).
3- صرف اللفظ عن معناه الصحيح إلى معنى فاسد غير مراد ((فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)).

ثالثا: المجمل
(المجمل) لغة: المبهم.
اص: ما دل على أحد معنيين لا مزية لأحدهما على الآخر بالنسبة إليه.
(بالنسبة إليه) بالنظر إلى اللفظ المجمل وحده، وإن كان أحد المعنيين راجحا لدليل آخر بيّن المجمل.
ونصوص الشرع التكليفية قد بيّنت ولله الحمد، وهناك نصوص باقية على إجمالها لا يتعلق بها تكليف.
مثال النصوص التي بينت:
- اسم: القرء، فإنه يحتمل الطهر والحيض.
- حرف: الواو، في ((فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه)) محتملة للتبعيض وابتداء الغاية.
- فعل: عسعس، مشترك بين أقبل وأدبر.

ومثال المجمل الباقي على إجماله: الحروف المقطعة في أوائل السور، وقد خص كثير من العلماء هذا النوع من المجمل باسم خاص وهو المتشابه.
وعلى ذلك لا يوجد مجمل لم يبين، وإنما متشابه استأثر الله بعلمه أو علمه الراسخون دون غيرهم.

حكمه: لا يجوز العمل بأحد محتملاته، إلا بدليل خارجي خاص مبين للمراد. فالتوقف حتى يعرف البيان.

أسباب الإجمال:
1- الاشتراك اللفظي
كالاشتراك الأصلي في لفظ القرء، أو الاشتراك في الصيغة كلفظ المحيض.
2- اشتهار المجاز وكثرة استعماله
3- الإطلاق أو التعميم في موضع لا يمكن العمل فيه بالمعنى الظاهر من اللفظ لافتقاره إلى التحديد
كقوله تعالى ((وءاتوا حقه يوم حصاده)) فالحق مطلق غير محدود ولا معروف المقدار.

من مواضع الإجمال وأسبابه الأخرى:
1- يكون في حرف، كالواو المترددة بين التبعيض وابتداء الغاية.
2- ويكون في اسم، إما للاشتراك الأصلي، أو الاشتراك في الصيغة.
3- ويكون في اسم أو فعل لأجل التصريف نحو "يضار" يحتمل أن يكون مبنيا للفاعل أو مبنيا للمجهول فيختلف المعنى.
4- ويكون في مركب مثل ((أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح)) يحتمل الولي ويحتمل الزوج.
5- ويكون لأجل التقدير ((وترغبون أن تنكحوهن)) إما تقدير ترغبون نكاحهن لجمالهن ونحوه، أو تقدير ترغبون عن نكاحهن لفقرهن ونحوه.
6- ويكون في مرجع صفة مثل "زيد طبيب ماهر" هل يعود الوصف على طبيب، أم لذات زيد فيكون ماهرا في الطب وغيره.
7- ويكون في مرجع ضمير مثل ((لا يمسه إلا المطهرون)) الكتاب المكنون وإما القرآن الكريم.

الفرق بين المجمل والمشترك:
- المجمل: كون الدليل مجملا أمر نسبي يختلف من عالم لآخر بحسب ما وصل إليه باجتهاده.
وأما الاشتراك: فاللفظ قد يكون مشتركا ولكنه يستعمل في أحد معانيه فلا يكون مجملا، وقد يغمض منه فيكون مجملا.
- الإجمال في الأدلة الشرعية قد بين، ولم يبق لفظ مجمل لا بيان له على الراجح.
وأما الاشتراك فلا ينتهي في اللغة
فالكلام في الاشتراك بحث لغوي صرف

وأما الإجمال فهو أصل يجب ألا يخلو منه كتاب في أصول الفقه.

[أصول الفقه] سد الذرائع

بسم الله الرحمن الرحيم
سد الذرائع
التعريف، الأقوال والأفعال المؤدية إلى المفسدة 4 أقسام، أدلة العمل بسد الذرائع

التعريف:
(الذرائع) جمع ذريعة، وهي الوسيلة المؤدية إلى الشيء، سواء أكان مصلحة أم مفسدة.
(سد الذرائع) منع الوسائل المفضية إلى المفاسد.

الأقوال والأفعال المؤدية إلى المفسدة (4) أقسام :
1- وسيلة موضوعة للإفضاء إلى المفسدة قطعا، كشرب الخمر.
حكمه: ممنوع إما على التحريم أو الكراهة بحسب درجته في المفسدة، بلا خلاف.
2- وسيلة موضوعة للإفضاء إلى المباح، ولكن قصد بها التوسل إلى المفسدة، كعقد النكاح بقصد تحليل الزوجة لزوجها الأول الذي طلقها ثلاثا.
حكمه: فيه خلاف.
3- وسيلة موضوعة للإفضاء إلى المباح، ولم يقصد بها التوسل إلى المفسدة، ولكنها تؤدي إليها غالبا، ومفسدتها أرجح، كسب آلهة الكفار علنا إذا كان يفضي إلى سب الله عز وجل.
حكمه: فيه خلاف.
4- وسيلة موضوعة للإفضاء إلى المباح، وقد تفضي إلى المفسدة، ومصلحتها أرجح، كالنظر إلى المخطوبة، والمشهود عليها.
حكمه: مشروع إما على الوجوب أو الاستحباب، بحسب درجته، بلا خلاف.

فموضع النزاع في الثاني والثالث: هل منعته الشريعة؟
1- [م أ] نعم، وسد الذرائع دليل شرعي تبنى عليه الأحكام.
2- [ح ش ظ] لا، إلا أن يرد نص أو إجماع أو قياس.

أدلة العمل بسد الذرائع:
1- (( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم )) فمنع من سب آلهتهم التي تستحق ذلك، سدا للذريعة المؤدية إلى المفسدة وهي سب الله تعالى.
2- (( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا )) نهى الله المؤمنين أن يقولوا للرسول صلى الله عليه وسلم راعنا -أي انتظرنا- منعا لذريعة التشبه باليهود الذين كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم راعنا، من الرعونة أي السفه.

3- (هدايا العمال غلول) منع الشارع القاضي من أخذ الهدية لئلا يكون ذريعة إلى أخذ الرشوة. وغيرها الكثير من الأحكام.

الجمعة، 31 أكتوبر 2014

[أصول الفقه] قول الصحابي

بسم الله الرحمن الرحيم
قول الصحابي
تعريف الصحابي، المراد بقول الصحابي، أقسامه، الخلاف في المسألة،

تعريف الصحابي
عند المحدثين: كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك.
عند الأصوليين: من صحب النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به مدة تكفي عرفا لوصفه بالصحبة، ومات على الإسلام.

المراد بقول الصحابي
مذهبه الذي قاله أو فعله ولم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ينقسم قول الصحابي إلى (4) أقسام:
1- قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه، كالعبادات والتقديرات ونحوها.
وهذا حجة عند الأئمة الأربعة، فلابد أنه أخذها من النبي صلى الله عليه وسلم، فلا اجتهاد في الأمور التي لا تعرف إلا بالتوقيف.

2- قول الصحابي الذي اشتهر ولم يخالفه غيره فيه، وهو الإجماع السكوتي.
والشهرة قد يستدل لها بكثرة خوض الصحابة في المسألة أو بكون الصحابي من الخلفاء الأربعة أو مما تعم به البلوى.

3- قول الصحابي الذي خالفه فيه غيره من الصحابة.
ليس بحجة، ولكن لا يخرج الفقيه عن أقوالهم إلى قول آخر، بل يتخير ما هو أقرب للدليل.

4- قول الصحابي فيما للرأي فيه مجال ولم ينتشر ولم يعلم له مخالف من الصحابة.
وهذا هو محل النزاع:
1- [جـ ، وش في القديم] حجة.
¬  قوله صلى الله عليه وسلم (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) شهادة لهم بالفضل على من سواهم، فيقتضي تقديم اجتهادهم.
¬  أن قوله الذي لا مخالف له يحتمل أن يكون نقلا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيقدم على الرأي المحض.
¬  هم أعرف الناس بكتاب الله وسنة رسوله.
2- [ش في الجديد] ليس بحجة.
¬  غير معصومين من الخطأ إذا لم يجمعوا، وقول من لم تثبت عصمته لا يكون حجة.
¬  أن أثر عن التابعين مخالفة آحاد الصحابة، ولو كان حجة لما صح مخالفته، ولأنكر الصحابة على من خالف.

<الراحج عند السلمي> مذهب الصحابي وحده لا يعد حجة إلا إذا غلب على الظن اشتهاره بين الصحابة وعدم إنكاره.

وأما إذا اختلف الصحابة على أقوال فالخروج عن أقوالهم يقتضي تخطئتهم جميعا، وهي بعيدة، فالواجب أن يختار من أقوالهم ما يسنده النظر والدليل.

[أصول الفقه] شرع من قبلنا

بسم الله الرحمن الرحيم
شرع من قبلنا
المراد به، أقسامه، والخلاف في حجيته.

المراد بشرع من قبلنا:
ما نقل إلينا بطريق صحيح من الشرائع السماوية السابقة.
والطريق الصحيح لمعرفة ذلك: القرآن والسنة الثابتة.
قد اتفقت الأصول ((إن الدين عند الله الإسلام))، واختلفت الفروع وهي المقصودة هنا.

ما حكي في النصوص من شرائع الأنبياء، يمكن تقسيمه إلى:
1- ما حكاه الله عنهم أو حكاه رسوله وورد في شريعتنا ما يبطله
لا خلاف في بطلانه وعدم الاحتجاج به.

2- ما حكاه الله عنهم ووجد في شريعتنا ما يؤيده
لا خلاف في أنه شرع لنا، كالصيام، ولكن الدليل على ثبوته هو ما ورد في شريعتنا لا ما ورد في شرائع الأنبياء السابقين.

3- ما نقل إلينا ولم يقترن بما يدل على نسخه أو مشروعيته في حقنا
وفيه الخلاف:
1-[جـ] شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينسخه
¬  ((أؤلئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)) أمر الرسول أمر لأمته.
¬  ((شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا)) فشرع لنا ما شرعه لنوح عليه السلام، فثبت أن شرعه شرع لنا ما لم ينسخ.
¬  ما ذكر في شرعنا إلا لنعمل به.
2- [ش] ليس شرعا لنا
¬  ((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا)) يدل على اختصاص كل نبي بشريعة.

¬  ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد عمر قطعة من التوراة فغضب وقال (ما هذا يا عمر، ألم آت بها بيضاء نقية، لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي).

[أصول الفقه] الاستصلاح أو المصلحة

بسم الله الرحمن الرحيم
الاستصلاح
تعريف الاستصلاح والمصلحة، أقسام المصلحة، أقسام المصلحة من حيث اعتبار الشارع لها، حكم العمل بالمصلحة المرسلة، أدلة العمل بها، شروط العمل بها.

التعريف
(الاستصلاح) لغة: العمل على إصلاح شيء ما.
اص: بناء الأحكام على المصالح المرسلة.

(المصلحة) لغة: المنفعة.

أقسام المصلحة:
1- مصلحة درء المفاسد، ما كان في رتبة الضروريات.
2- مصلحة جلب المصالح، ما كان في رتبة الحاجيات.
3- ما كان في رتبة التحسينات والتتميمات. وهذا لا حجة فيه.

أقسام المصلحة من حيث اعتبار الشرع لها وبناء الأحكام عليها وعدمه:
1- مصلحة ملغاة
كل منفعة دل الشرع على إبطالها وعدم الاعتداد بها
لانطوائها على مفسدة أكبر، أو تفوت مصلحة أكبر
وضابطها: مخالفتها لنص أو إجماع أو قياس جلي.
مثل: المصلحة الملغاة من لذة قضاء الشهوة في الزنى.

2- مصلحة اعتبرها الشارع بعينها وراعاها في أصل معين يمكن أن يقاس عليه ما يشبهه
وهي التي تتضمنها العلة في القياس، ويسميها بعضهم "المناسبة"
كمصلحة حفظ العقل التي تضمنها تحريم الخمر لأجل الإسكار، فيقاس عليه كل ما يذهب العقل.

3- مصلحة اعتبر الشارع جنسها، ولا يشهد لعينها أصل معين بالاعتبار
فلا نجد نصا خاصا على تحقيق المصلحة بهذا الحكم المعين بخصوصه
كالمصلحة الناشئة من جمع القرآن في مصحف واحد، ففيه مصلحة حفظ الدين
والمصلحة الناشئة عن وضع إشارات المرور، ومعاقبة من لا يراعيها، ففي ذلك مصلحة ظاهرة للناس بحفظ الأنفس والأموال.
وهذه المصلحة هي التي تسمى (المصلحة المرسلة).

حكم العمل بالمصلحة المرسلة:
ذهب الجمهور إلى الاستدلال بها خلافا للشافعي الذي أنكر المصلحة المرسلة التي لا ينتظم منها قياس صحيح
ورأى الغزالي أن يمكن الاحتجاج بها ما يقع في مرتبة الضروريات دون الحاجيات والتحسينيات.

أدلة العمل بها:
1- عمل الصحابة بها، كما في جمع القرآن في مصحف، وإيقاع عمر الطلاق الثلاث بكلمة، وقتل الجماعة بالواحد.
2- الآيات الدالة على أن الشريعة جاءت لمصالح العباد والتيسير عليهم ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) ، ((وما جعل عليكم في الدين من حرج)) ، ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)).

شروط العمل بها:
1- أن تكون المصلحة حقيقية لا متوهمة
كتوهم التسوية بين المرأة والرجل في الميراث لأجل الترغيب بالإسلام.
2- أن لا تعارض نصا من كتاب أو سنة، أو إجماعا صحيحا.
3- أن لا تعارض مصلحة مساوية لها أو أعظم منها
فإن تعارضت رجحنا أقواها أثرا وأعمها نفعا وأكثرها دفعا للمفسدة، وإن تعارضت مصلحة خاصة لفرد مع مصلحة عامة قدمنا العامة.

4- أن تكون في مواضع الاجتهاد لا في المواضع التي يتعين فيها التوقيف.