الجمعة، 31 أكتوبر 2014

[أصول الفقه] قول الصحابي

بسم الله الرحمن الرحيم
قول الصحابي
تعريف الصحابي، المراد بقول الصحابي، أقسامه، الخلاف في المسألة،

تعريف الصحابي
عند المحدثين: كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك.
عند الأصوليين: من صحب النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به مدة تكفي عرفا لوصفه بالصحبة، ومات على الإسلام.

المراد بقول الصحابي
مذهبه الذي قاله أو فعله ولم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ينقسم قول الصحابي إلى (4) أقسام:
1- قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه، كالعبادات والتقديرات ونحوها.
وهذا حجة عند الأئمة الأربعة، فلابد أنه أخذها من النبي صلى الله عليه وسلم، فلا اجتهاد في الأمور التي لا تعرف إلا بالتوقيف.

2- قول الصحابي الذي اشتهر ولم يخالفه غيره فيه، وهو الإجماع السكوتي.
والشهرة قد يستدل لها بكثرة خوض الصحابة في المسألة أو بكون الصحابي من الخلفاء الأربعة أو مما تعم به البلوى.

3- قول الصحابي الذي خالفه فيه غيره من الصحابة.
ليس بحجة، ولكن لا يخرج الفقيه عن أقوالهم إلى قول آخر، بل يتخير ما هو أقرب للدليل.

4- قول الصحابي فيما للرأي فيه مجال ولم ينتشر ولم يعلم له مخالف من الصحابة.
وهذا هو محل النزاع:
1- [جـ ، وش في القديم] حجة.
¬  قوله صلى الله عليه وسلم (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) شهادة لهم بالفضل على من سواهم، فيقتضي تقديم اجتهادهم.
¬  أن قوله الذي لا مخالف له يحتمل أن يكون نقلا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيقدم على الرأي المحض.
¬  هم أعرف الناس بكتاب الله وسنة رسوله.
2- [ش في الجديد] ليس بحجة.
¬  غير معصومين من الخطأ إذا لم يجمعوا، وقول من لم تثبت عصمته لا يكون حجة.
¬  أن أثر عن التابعين مخالفة آحاد الصحابة، ولو كان حجة لما صح مخالفته، ولأنكر الصحابة على من خالف.

<الراحج عند السلمي> مذهب الصحابي وحده لا يعد حجة إلا إذا غلب على الظن اشتهاره بين الصحابة وعدم إنكاره.

وأما إذا اختلف الصحابة على أقوال فالخروج عن أقوالهم يقتضي تخطئتهم جميعا، وهي بعيدة، فالواجب أن يختار من أقوالهم ما يسنده النظر والدليل.

[أصول الفقه] شرع من قبلنا

بسم الله الرحمن الرحيم
شرع من قبلنا
المراد به، أقسامه، والخلاف في حجيته.

المراد بشرع من قبلنا:
ما نقل إلينا بطريق صحيح من الشرائع السماوية السابقة.
والطريق الصحيح لمعرفة ذلك: القرآن والسنة الثابتة.
قد اتفقت الأصول ((إن الدين عند الله الإسلام))، واختلفت الفروع وهي المقصودة هنا.

ما حكي في النصوص من شرائع الأنبياء، يمكن تقسيمه إلى:
1- ما حكاه الله عنهم أو حكاه رسوله وورد في شريعتنا ما يبطله
لا خلاف في بطلانه وعدم الاحتجاج به.

2- ما حكاه الله عنهم ووجد في شريعتنا ما يؤيده
لا خلاف في أنه شرع لنا، كالصيام، ولكن الدليل على ثبوته هو ما ورد في شريعتنا لا ما ورد في شرائع الأنبياء السابقين.

3- ما نقل إلينا ولم يقترن بما يدل على نسخه أو مشروعيته في حقنا
وفيه الخلاف:
1-[جـ] شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينسخه
¬  ((أؤلئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)) أمر الرسول أمر لأمته.
¬  ((شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا)) فشرع لنا ما شرعه لنوح عليه السلام، فثبت أن شرعه شرع لنا ما لم ينسخ.
¬  ما ذكر في شرعنا إلا لنعمل به.
2- [ش] ليس شرعا لنا
¬  ((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا)) يدل على اختصاص كل نبي بشريعة.

¬  ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد عمر قطعة من التوراة فغضب وقال (ما هذا يا عمر، ألم آت بها بيضاء نقية، لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي).

[أصول الفقه] الاستصلاح أو المصلحة

بسم الله الرحمن الرحيم
الاستصلاح
تعريف الاستصلاح والمصلحة، أقسام المصلحة، أقسام المصلحة من حيث اعتبار الشارع لها، حكم العمل بالمصلحة المرسلة، أدلة العمل بها، شروط العمل بها.

التعريف
(الاستصلاح) لغة: العمل على إصلاح شيء ما.
اص: بناء الأحكام على المصالح المرسلة.

(المصلحة) لغة: المنفعة.

أقسام المصلحة:
1- مصلحة درء المفاسد، ما كان في رتبة الضروريات.
2- مصلحة جلب المصالح، ما كان في رتبة الحاجيات.
3- ما كان في رتبة التحسينات والتتميمات. وهذا لا حجة فيه.

أقسام المصلحة من حيث اعتبار الشرع لها وبناء الأحكام عليها وعدمه:
1- مصلحة ملغاة
كل منفعة دل الشرع على إبطالها وعدم الاعتداد بها
لانطوائها على مفسدة أكبر، أو تفوت مصلحة أكبر
وضابطها: مخالفتها لنص أو إجماع أو قياس جلي.
مثل: المصلحة الملغاة من لذة قضاء الشهوة في الزنى.

2- مصلحة اعتبرها الشارع بعينها وراعاها في أصل معين يمكن أن يقاس عليه ما يشبهه
وهي التي تتضمنها العلة في القياس، ويسميها بعضهم "المناسبة"
كمصلحة حفظ العقل التي تضمنها تحريم الخمر لأجل الإسكار، فيقاس عليه كل ما يذهب العقل.

3- مصلحة اعتبر الشارع جنسها، ولا يشهد لعينها أصل معين بالاعتبار
فلا نجد نصا خاصا على تحقيق المصلحة بهذا الحكم المعين بخصوصه
كالمصلحة الناشئة من جمع القرآن في مصحف واحد، ففيه مصلحة حفظ الدين
والمصلحة الناشئة عن وضع إشارات المرور، ومعاقبة من لا يراعيها، ففي ذلك مصلحة ظاهرة للناس بحفظ الأنفس والأموال.
وهذه المصلحة هي التي تسمى (المصلحة المرسلة).

حكم العمل بالمصلحة المرسلة:
ذهب الجمهور إلى الاستدلال بها خلافا للشافعي الذي أنكر المصلحة المرسلة التي لا ينتظم منها قياس صحيح
ورأى الغزالي أن يمكن الاحتجاج بها ما يقع في مرتبة الضروريات دون الحاجيات والتحسينيات.

أدلة العمل بها:
1- عمل الصحابة بها، كما في جمع القرآن في مصحف، وإيقاع عمر الطلاق الثلاث بكلمة، وقتل الجماعة بالواحد.
2- الآيات الدالة على أن الشريعة جاءت لمصالح العباد والتيسير عليهم ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) ، ((وما جعل عليكم في الدين من حرج)) ، ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)).

شروط العمل بها:
1- أن تكون المصلحة حقيقية لا متوهمة
كتوهم التسوية بين المرأة والرجل في الميراث لأجل الترغيب بالإسلام.
2- أن لا تعارض نصا من كتاب أو سنة، أو إجماعا صحيحا.
3- أن لا تعارض مصلحة مساوية لها أو أعظم منها
فإن تعارضت رجحنا أقواها أثرا وأعمها نفعا وأكثرها دفعا للمفسدة، وإن تعارضت مصلحة خاصة لفرد مع مصلحة عامة قدمنا العامة.

4- أن تكون في مواضع الاجتهاد لا في المواضع التي يتعين فيها التوقيف.

[أصول الفقه] الاستصحاب

بسم الله الرحمن الرحيم
الاستصحاب
تعريفه، أنواعه، حكم العمل به، قواعد مبنية على الاستصحاب، هل النافي للحكم يستلزمه الدليل؟

تعريفه
(الاستصحاب) لغة: طلب الصحبة.
اص: الحكم بثبوت أمر في الزمان الثاني بناء على أنه كان ثابتا في الزمان الأول.
معنى ذلك: إذا ثبت حكم بدليل معين في وقت معين يبقى ذلك الحكم ثابتا حتى يرد دليل يرفعه.
وجه تسميته: أن المجتهد يستصحب الحكم الأول حتى يرد ما يدل على ارتفاعه.
يسميه بعض الأصوليين: دليل العقل المبقي على النفي الأصلي.

أنواعه:
1- استصحاب البراءة الأصلية
براءة ذمة الإنسان من التكاليف الشرعية والحقوق المالية، حتى يقوم دليل على شغلها بشيء من ذلك.
كالحكم بعدم وجوب صلاة سادسة معلوم بالبراءة الأصلية.
وهذا النوع هو الذي ينصرف إليه اسم الاستصحاب، ويسمى البراءة الأصلية أو الإباحة العقلية.
الدليل على اعتباره قوله تعالى ((فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله))) لما نزل تحريم الربا خافوا من الأموال التي اكتسبوها منه قبل التحريم، فبين الله سبحانه أنه على البراءة الأصلية، لا حرج عليهم فيه.

2- استصحاب الحكم الذي دل الدليل على ثبوته ولم يقم دليل على تغييره
كالحكم بثبوت الزوجية بناء على عقد النكاح الصحيح من غير أن يطالَب الزوج بدليل على بقاء العقد؛ لأن الأصل بقاؤه ما لم يرد دليل يغير ذلك الأصل.

3- استصحاب الدليل مع احتمال المعارض
كاستصحاب حكم الدليل العام حتى يرد ما يخصصه، والنص حتى يرد ما ينسخه.
وقد منع بعض العلماء تسمية هذا النوع استصحابا، لأن العمل به عمل بالنص.

4- استصحاب الحكم الثابت بالإجماع في محل الخلاف
فيه خلاف: مردود عند الجمهور، واعتبره بعض أهل العلم
مثاله: المتيمم الذي شرع في الصلاة، وفي أثنائها رأى الماء،
محل الإجماع: صحة الصلاة قبل رؤية الماء. ومحل الخلاف: بعد رؤية الماء.
فالمستدل استصحب حال الإجماع في محل النزاع: فقال: صحة صلاة من تيمم لفقد الماء ثابتة بالإجماع حتى يدل دليل على أن رؤية الماء في أثناء الصلاة مبطلة لها، ولا دليل على ذلك.
فهو استدل بالإجماع في الصورة المتفق عليها على الصورة المختلف فيها.
وهذا النوع عند المحققين ليس بحجة لأنه يؤدي إلى التسوية بين موضع الاتفاق وموضع النزاع وهما مختلفان.

الأنواع الثلاثة الأولى حجة عند الجمهور
وذهب الحنفية في المشهور عندهم إلى أن الاستصحاب يصلح الاستدلال به في النفي لا في الإثبات.

أدلة حجية الأنواع الثلاثة عند الجمهور:
¬  قوله صلى الله عليه وسلم في الرجل يخيل إليه أنه أحدث في الصلاة (لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) فحكم باستصحاب حكم الوضوء مع الشك في وجود الناقض حتى يدل الدليل على انتقاضه يقينا.
¬  قضى عليه الصلاة والسلام أن اليمين على المدعى عليه، فجعل الأصل براءة ذمة المدعى عليه حتى يثبت شغلها بالبينة الصحيحة، وهذا عمل باستصحاب الحال.
¬  العمل به عمل بالظاهر، والعمل بالظاهر حتى يثبت خلافه مما اتفق عليه الصحابة والتابعون والأئمة بعدهم.

قواعد مبنية على الاستصحاب:
§        اليقين لا يزول بالشك.
§        الأصل بقاء ما كان على ما كان.
§        الأصل براءة الذمة.
§        الأصل في الصفات العارضة العدم.
§        الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته.

[هل النافي للحكم يستلزمه الدليل؟]
لا خلاف في أن المثبت للحكم يطالب بالدليل.
[أما النافي فاختلف فيه]
1- [-] عليه الدليل
¬  قوله تعالى ((وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)) فطالبهم بالدليل وهم في موقف النافي.
2- [-] لا يجب عليه الدليل
¬  لأن الدليل على النفي متعذر كإقامة الدليل على براءة الذمة، ولأن من طولب بدَين لا يجب عليه دليل.
3- [-] يلزمه في الشرعيات دون العقليات

¬  لأن الشرعيات يمكن الاستدلال عليها بنص ونحوه خلافا للعقليات.

[أصول الفقه] الاستحسان

بسم الله الرحمن الرحيم
الاستحسان
تعريفه، والرد على بعض تعاريفه المنتقدة، أنواعه، حكمه

(الاستحسان) أن يحكم على المسألة بحكم يخالف نظائرها لدليل شرعي.

قيل في تعريفه: ما يستحسنه المجتهد بعقله.
الرد: الاستحسان بالعقل مردود، لأنه قد يكون حكما بالهوى.

قيل: دليل ينقدح في نفس المجتهد يعسر التعبير عنه.
الرد: الذي يعجز التعبير عنه لا عبرة به فإنه قد يكون وهما وخيالا.

ويتنوع بحسب ما يستند إليه إلى (6) أنواع:
1- استحسان سنده النص
وهو ترك الحكم الذي يقتضيه القياس أو النص العام، والعمل بمقتضى نص خاص.
مثاله: أن الأصل ألا يبيع الإنسان ما ليس عنده وهذا مقتضى النص والقياس، ولكن ورد الدليل بإباحة السلم وهو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد.
وتسمية هذا النوع استحسانا غير مسلمة عند من ينكر العمل به؛ لأن هذا عمل بالنص الخاص، وترك لمقتضى العموم.

2- استحسان سنده الإجماع.
وهو ترك مقتضى القياس أو العموم في مسألة جزئية لأجل الإجماع.
كجواز دخول الحمام من غير تحديد المدة أو الماء المستعمل ولا الأجرة، فالإجماع منعقد على جوازه مع أن القياس يقتضي عدم جوازه.

3- استحسان سنده الضرورة.
كطهارة الحوض الذي تغيرت أوصافه بنجاسة بصب الماء فيه حتى يذهب أثر النجاسة من لون أو طعم أو ريح.

4- استحسان سنده القياس الخفي
كالحكم بطهارة سؤر سباع الطير كالصقر، مع أن القياس الظاهر يقتضي نجاسته كسؤر سباع البهائم، ويعارضه قياس خفي أولى بالاعتبار، وهو اختلاط سؤر سباع البهائم بلعابها النجس، وسباع الطير تشرب بمناقيرها والمناقير لا رطوبة فيها.

5- استحسان سنده المصلحة.
كالحكم بتضمين الأجير المشترك، وهو الذي لا يعمل لشخص بعينه، بل يقدم خدمة لكل من يحتاجه مقابل أجرة معينة كالغسال والخياط. فالأصل أن الغسال إذا أعطي الثوب ليغسله فتلف عنده من غير تفريط لا ضمان عليه، لأن هذا مقتضى عقد الإجارة، فالمصلحة المحافظة على أموال الناس من الضياع، ولو لم يضمن الأجير لامتنع كثير من الناس من دفع أمتعتهم إليه.

6- استحسان سنده العرف.
أن الأصل أن من حلف لا يأكل اللحم يحنث بأكل السمك لأنه لحم، ولكن قالوا: لا يحنث استحسانا.

حكم العمل به
الأنواع الثلاثة الأولى لا خلاف فيها بين العلماء، ولكن منهم من لا يسميه استحسانا.
وأما الرابع فمن خالف فيه فإنما يخالف في رجحان القياس الخفي على الظاهر.
وأما الخامس فالنزاع فيه مبني على النزاع في مستنده وهو المصلحة المرسلة هل تعد دليلا؟ وكذا الشأن في السادس.

والاستدلال بالاستحسان بأنواعه المتقدمة هو مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنبالة.

وأما الشافعي فقد نقل عنه إنكاره، والظاهر أنه لا ينكر الاستحسان بمعناه المذكور، بل ينكر الاستحسان بمجرد الهوى، أو المستند على العرف والمصلحة المرسلة والله أعلم.

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

[أصول الفقه] الإجماع

بسم الله الرحمن الرحيم
الإجماع
تعريفه ، وقوعه شرعا وعقلا، أنواعه، أدلة حجيته، مستند الإجماع، حجية الإجماع السكوتي، والخلاف في الإجماع الضمني و إحداث قول ثالث بعد اختلاف أهل عصر من العصور ،
أهل الإجماع الذين ينعقد بهم، هل يشترط لتحققه انقراض العصر؟ ، الإجماعات الخاصة، عمل أهل المدينة، انعقاد الإجماع بعد الخلاف، مخالفة الواحد والاثنين هل تنقض الإجماع؟ ، حكم المخالف للإجماع.

تعريفه
(الإجماع) لغة: الاتفاق، ويطلق على العزم المؤكد.
اص: اتفاق مجتهدي الأمة الإسلامية في عصر من العصور على حكم شرعي + بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوعه شرعا وعقلا:
الإجماع حجة قاطعة عند عامة أهل العلم، إذ لا يمتنع عقلا أن يتفق مجتهدو الأمة على حكم شرعي، وهو واقع شرعا، كإجماعهم على وجوب الصلوات الخمس وسائر الأركان. وكل ما وقع شرعا فهو جائز عقلا.

أنواعه:
أ ) من جهة تصريح المجتهدين بالحكم، 3 أنواع:
1-  الإجماع الصريح : ما صرح فيه أهل العلم بالحكم. وهو نادر بل منعدم، لكنه غير ممتنع.
2-  الإجماع السكوتي: أن يصرح بعض المجتهدين بحكم شرعي ويشتهر قوله، ويسكت الباقون عن إنكاره.
3-  الإجماع الضمني: هو المستنتج من اختلاف أهل العصر على قولين أو أكثر، فيدل ذلك على اتفاقهم أن ما خرج عن تلك الأقوال باطل.

ب ) من حيث قوة دلالته، نوعان:
1-  قطعي : ما تحقق فيه شرطان: 1- التصريح بالحكم من أهل الإجماع 2- و نقله إلينا بطريق قطعي.
2-  ظني: ما اختل فيه أحد هذين الشرطين.

أدلة حجيته:
¬  قوله تعالى ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) فاتباع سبيل المؤمنين واجب ، وتركه محرم.
¬  قوله تعالى ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) دل بطريق مفهوم المخالفة: أن ما لم تتنازع عليه الأمة من الأحكام واتفقت عليه فهو حق.
¬  قوله صلى الله عليه وسلم (سألت ربي أن لا تجتمع أمتي على ضلالة، فأعطانيها) وفي لفظ (إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبدا، وإن يد الله مع الجماعة، فاتبعوا السواد الأعظم، ومن شذ شذ في النار)

وخالف في حجيته أقوام منهم: النظام، وبعض الرافضة، بدعوى استحالة معرفة جميع آراء المجتهدين.

مستند الإجماع:
الكتاب والسنة الصحيحة متواترة كانت أو آحادا
[واختلفوا في إسناده إلى اجتهاد أو قياس]
1- [جــ] جوازه عقلا ووقوعه شرعا
¬   انعقاد الإجماع على خلافة ابي بكر قياسا على إمامته في الصلاة، وكذلك تحريم شحم الخنزير قياسا على لحمه، وكذلك عدم القضاء في حال الجوع والعطش الشديدين قياسا على الغضب.
2- [داود الظاهري وابن جرير الطبري] المنع
¬   الإجماع قطعي فلا يبنى إلا على قطعي.

حجية الإجماع السكوتي:
- لا نزاع عندهم أنه إن دلت القرائن على رضا الساكتين يكون إجماعا حينئذ، وإن دلت على سخطهم فلا يكون إجماعا.
[واختلفوا عند انعدام القرائن على الرضا والسخط]
1- [جــ] حجة
¬   سكوت العالم عن فتوى غيره يدل على موافقته إياه؛ إذ لو كان يعتقد بطلانها لما سكت؛ لإن السكوت عن الباطل محرم.
¬   حديث (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم) فلا تخلو الأمة من قائم لله بالحجة، فظهورها يقتضي إظهار ما عليه من الحق.
¬   التابعون إذا أشكلت عليهم مسألة ونقل إليهم قول الصحابي مشهور ولم يعلم له خلاف لم يجوزوا العدول عنه إلى غيره.
2- [الشافعي] ليس بحجة، فلا بد من تصريح الكل.
¬   لا ينسب إلى ساكت قول، وربما سكت لسبب كظنه أن غيره كفاه المؤنة، أو لمانع كخوفه من سلطان، أو أنه لم ينظر في المسألة بعد.
<الراجح> حجة ظنية ليست في درجة الإجماع الصريح.

الخلاف في الإجماع الضمني، وإحداث قول جديد بعد اختلاف أهل عصر سابق على عدة أقوال
1- [جـ] الاجماع الضمني حجة، فإحداث قول جديد لا يجوز.
لأن إحداث قول ثالث لا يخلو من أمرين: الأول: أن هذا القول المحدث خطأ، فحينئذ لا يعتد به. الثاني: أنه صواب فتكون الأقوال قبله باطلة وهذا مستحيل، ففيه نسبة الأمة إلى تضييع الحق وأنها خلت في عصر من العصور من القول الصحيح. فكلا الاحتمالين باطل، فيكون إحداث قول جديد باطل.
2- [بعض ح وبعض ظ] الاجماع الضمني ليس بحجة، ويجوز إحداث قول جديد.
الإجماع لا يؤخذ من الخلاف.
وأيضا فأصحاب العصر السابق قد اختلفوا، فيستدل باختلافهم على أن المسألة خلافية، والخلاف فيها سائغ ويجوز حينئذ إحداث قول جديد. وهم اجتهدوا فيها ولم يصرحوا بتحريم قول جديد.
3- [-] التفصيل: فإن كانت أقوال المختلفين بينها قدر مشترك والقول الجديد يرفع ما اتفقت عليه فهو باطل، وإن لم يرفع فهو اجتهاد سائغ.
¬   مثال الأول -الباطل- : الصحابة اختلفوا في ميراث الجد والإخوة:
فقال بعضهم: يشرّك بينهم. وقال الآخرون: الميراث للجد، والأخوة محجوبون.
والقول المشترك بين القولين: أن الجد لا يمكن أن يحرم من الإرث.
فلو قال المتأخر: الميراث للإخوة والجد يحجب بهم لكان قوله باطلا مخالفا للإجماع.
¬   مثال الثاني -السائغ- : إذا اختلف المتقدمون في العيوب هل يفسخ بها النكاح،
فقال بعضهم: لا، والآخرون: نعم.
فلو ذهب ذاهب بعد عصرهم إلى أن بعض العيوب يفسخ بها دون بعض، لما كان قوله مخالفا للإجماع.

ترجيح وتنبيه: العصمة إنما تثبت للأمة بشرط الاتفاق، أما مع الاختلاف فلم تثبت لهم العصمة، بل ربما أخطأ كل منهم في بعض ما قال وأصاب في بعضه الآخر فلا يمتنع أن يكون القول بالتفصيل هو الصواب.


أهل الإجماع الذين ينعقد بهم
- لا نزاع في أن من بلغ من العلماء درجة الاجتهاد يعتبر من أهل الإجماع، بغض النظر عن سنه وطبقته وبلده.
- ولا نزاع في أن الصبيان والمجانين والكفار ليسوا من أهل الإجماع.
واختلفوا فيما عداهم: من العامة، والفساق، والمبتدعة، ومن عنده نوع علم.
فأما [العامة] فالصواب أنهم ليسوا من أهله، فليست عندهم آلة هذا الشأن.
وكذلك [الفساق] ففسقهم تهمة تسقط عدالتهم.
وكذلك [المبتدعة] متهمون في دينهم.
وأما [من عنده نوع علم] فقيل: لا يعتد بقوله لشبهه بالعوام، وقيل: بل يعتد إذا حصّل العلوم التي ينبني عليها الاجتهاد، وهذا مبني على أن الاجتهاد يتجزأ، فيكون العالم مجتهدا في بعض أبواب الفقه ومسائله دون غيرها.

[هل يعتد بقول التابعي في عصر الصحابة؟]
1-[جـ] يعتد به إذا بلغ درجة الاجتهاد قبل انعقاد الإجماع
¬   لأنه مبني على أن من بلغ درجة الاجتهاد اعتد بقوله بغض النظر عن سنه وطبقته، والتابعون من جملة الأمة.
¬   ولا خلاف في أن الصحابة سوغوا ذلك، فلما ولى عمر شريحا القضاء كتب إليه (ما لم تجد السنة اجتهد رأيك)
¬   وقال ابن عباس (لو أخذ أهل البصرة بقول جابر بن زيد لكفاهم علما).
2-[بعض ش والقاضي] لا يعتد به.
¬   لأن الصحابة شهدوا التنزيل وهم أعلم بالتأويل.
¬   وإنكار أم المؤمنين عائشة على أبي سلمة لما خالف قول ابن عباس.

<الراجح> الأول: فضيلة الصحبة لا توجب اختصاصهم بالاجتهاد دون غيرهم.

[هل يشترط في صحة الإجماع انقراض العصر؟]
المراد بانقراض العصر: موت العلماء المجمعين على حكم الواقعة قبل رجوعهم عن رأيهم.
في المسألة خلاف، والراجح: أنه لا يشترط، فالحجة في اتفاقهم لا موتهم، والصواب لا يتعدد، وإنما يجوز الرجوع في حال لم يجمع على حكم المسألة. وأنه لو اشترط هذا الشرط لما تحقق إجماع أبدا، لتتابع ظهور العلماء باختلاف طبقاتهم.

[الإجماعات الخاصة]
كإجماع أهل البيت عند الرافضة، أو إجماع الخلفاء الأربعة، أو إجماع أهل البصرة، وإجماع أهل المدينة.
الراجح كما عند [جـ] أن هذه الإجماعات لا حجة فيها؛ لأن أدلة حجية الإجماع تدل على إجماع الأمة إذا اتفقت.

[عمل أهل المدينة]
المقصود به عملهم في عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين.
وقد جعله القاضي عبدالوهاب بن نصر المالكي على ضربين: نقلي واستدلالي.
النقلي: كنقلهم الصاع والمد والأذان والأوقات، وهذا حجة عند جماهير العلماء.
الاستدلالي: ما كان عن طريق الاجتهاد. وهو محل الخلاف بين الجمهور والمالكية، بل إن المالكية أنفسهم مختلفون على 3 أقوال فيه:
- ليس بحجة ولا مرجح [الباقلاني والأبهري وأبو الفرج]
- مرجح عند التعارض ولا يستدل به منفردا.
- حجة.
حجة [م] في عمل أهل المدينة: أن المدينة قد ضمت الصحابة وأبناءهم وأحفادهم، وما اتفقوا عليه لابد أن يكون ظاهرا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيكون حجة، وكذلك ما تركوه مع قيام الداعي إليه لا يتركونه إلا بحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والقول الصحيح قول الـ[جــ] ليس بحجة، فلا ينطبق عليه تعريف الإجماع، ومن شرطه اتفاق جميع الأمة، ثم إن جمعا من علماء الصحابة قد خرجوا منها كـ علي وابن مسعود وابن عباس -رضي الله عنهم-.

[انعقاد الإجماع بعد الخلاف]
إذا اختلف أهل عصر ثم اتفقوا على حكم مسألة يعد إجماعا، وهو القول الصحيح، لأنه قول كل المجتهدين في ذلك العصر، والقول الذي رجع عنه صاحبه لا عبرة به.
[والخلاف إن كان الاتفاق بعد انقراض العصر، فإن اختلف أهل عصر ثم جاء أهل العصر الذي يليه واتفقوا، هل يسمى إجماعا؟]
1-[أبو الخطاب، ح] إجماع، لأنه اتفاق جميع مجتهدي العصر
2-[القاضي وبعض ش] ليس إجماعا، الأمة لم تجتمع على حكم واحد، ومتبع القول الذي مات قائله لا يصدق عليه أنه اتبع غير سبيل المؤمنين.

[مخالفة الواحد والاثنين هل تنقض الإجماع؟]
1-[جـ] نعم تخرمه، فلم يتحقق فيه شرط اتفاق الجميع، والعصمة للكل لا البعض.
2-[ابن جرير الطبري] لا، اعتبار الأكثر وإلغاء الأقل، ولحديث (عليكم بالسواد الأعظم).

حكم المخالف للإجماع:
يحمل التكفير والتفسيق من كلام العلماء على من أنكر الإجماع الصريح المنقول بالتواتر والقطع، دلت عليه نصوص قطعية، فتكفيره أو تفسيقه لمخالفة تلك النصوص لا لمخالفة الإجماع وحده.

وأما ما عدا ذلك من الإجماعات فهي لا تعدو أن تكون ظنية.

_____ 
التلخيص من 3 كتب: المذكرة للشنقيطي، وإمتاع العقول لشيبة الحمد، وأصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله للسلمي

_____
عبدالله بن خالد الهاشمي
https://twitter.com/ak896