بسم
الله الرحمن الرحيم
الإجماع
تعريفه
، وقوعه شرعا وعقلا، أنواعه، أدلة حجيته، مستند الإجماع، حجية الإجماع السكوتي،
والخلاف في الإجماع الضمني و إحداث قول ثالث بعد اختلاف أهل عصر من العصور ،
أهل
الإجماع الذين ينعقد بهم، هل يشترط لتحققه انقراض العصر؟ ، الإجماعات الخاصة، عمل
أهل المدينة، انعقاد الإجماع بعد الخلاف، مخالفة الواحد والاثنين هل تنقض الإجماع؟
، حكم المخالف للإجماع.
تعريفه
(الإجماع) لغة:
الاتفاق، ويطلق على العزم المؤكد.
اص: اتفاق مجتهدي الأمة الإسلامية في عصر
من العصور على حكم شرعي + بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوعه
شرعا وعقلا:
الإجماع
حجة قاطعة عند عامة أهل العلم، إذ لا يمتنع عقلا أن يتفق مجتهدو الأمة على حكم
شرعي، وهو واقع شرعا، كإجماعهم على وجوب الصلوات الخمس وسائر الأركان. وكل ما وقع
شرعا فهو جائز عقلا.
أنواعه:
أ ) من جهة تصريح المجتهدين بالحكم، 3 أنواع:
1- الإجماع الصريح
: ما صرح فيه أهل العلم بالحكم. وهو نادر بل منعدم، لكنه غير ممتنع.
2- الإجماع السكوتي:
أن يصرح بعض المجتهدين بحكم شرعي ويشتهر قوله، ويسكت الباقون عن إنكاره.
3- الإجماع الضمني:
هو المستنتج من اختلاف أهل العصر على قولين أو أكثر، فيدل ذلك على اتفاقهم أن ما
خرج عن تلك الأقوال باطل.
ب
) من حيث قوة دلالته، نوعان:
1- قطعي
: ما تحقق فيه شرطان: 1- التصريح بالحكم من أهل الإجماع 2- و نقله إلينا بطريق
قطعي.
2- ظني:
ما اختل فيه أحد هذين الشرطين.
أدلة
حجيته:
¬
قوله
تعالى ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله
ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) فاتباع سبيل المؤمنين واجب ، وتركه محرم.
¬
قوله
تعالى ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) دل بطريق مفهوم المخالفة: أن
ما لم تتنازع عليه الأمة من الأحكام واتفقت عليه فهو حق.
¬
قوله
صلى الله عليه وسلم (سألت ربي أن لا تجتمع أمتي على ضلالة، فأعطانيها) وفي لفظ (إن
الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبدا، وإن يد الله مع الجماعة، فاتبعوا السواد
الأعظم، ومن شذ شذ في النار)
وخالف
في حجيته أقوام منهم: النظام، وبعض الرافضة، بدعوى استحالة معرفة جميع آراء
المجتهدين.
مستند
الإجماع:
الكتاب
والسنة الصحيحة متواترة كانت أو آحادا
[واختلفوا في إسناده إلى اجتهاد أو قياس]
1- [جــ]
جوازه عقلا ووقوعه شرعا
¬ انعقاد الإجماع على خلافة ابي بكر
قياسا على إمامته في الصلاة، وكذلك تحريم شحم الخنزير قياسا على لحمه، وكذلك عدم
القضاء في حال الجوع والعطش الشديدين قياسا على الغضب.
2- [داود
الظاهري وابن جرير الطبري] المنع
¬ الإجماع قطعي فلا يبنى إلا على قطعي.
حجية
الإجماع السكوتي:
-
لا نزاع عندهم أنه إن دلت القرائن على رضا الساكتين يكون إجماعا حينئذ، وإن دلت
على سخطهم فلا يكون إجماعا.
[واختلفوا عند انعدام القرائن على الرضا والسخط]
1- [جــ]
حجة
¬ سكوت العالم عن فتوى غيره يدل على
موافقته إياه؛ إذ لو كان يعتقد بطلانها لما سكت؛ لإن السكوت عن الباطل محرم.
¬ حديث (لا تزال طائفة من أمتي على الحق
ظاهرين لا يضرهم من خذلهم) فلا تخلو الأمة من قائم لله بالحجة، فظهورها يقتضي
إظهار ما عليه من الحق.
¬ التابعون إذا أشكلت عليهم مسألة ونقل
إليهم قول الصحابي مشهور ولم يعلم له خلاف لم يجوزوا العدول عنه إلى غيره.
2- [الشافعي]
ليس بحجة، فلا بد من تصريح الكل.
¬ لا ينسب إلى ساكت قول، وربما سكت لسبب
كظنه أن غيره كفاه المؤنة، أو لمانع كخوفه من سلطان، أو أنه لم ينظر في المسألة
بعد.
<الراجح> حجة ظنية ليست في درجة الإجماع الصريح.
الخلاف
في الإجماع الضمني، وإحداث قول جديد بعد اختلاف أهل عصر سابق على عدة أقوال
1- [جـ]
الاجماع الضمني حجة، فإحداث قول جديد لا يجوز.
لأن
إحداث قول ثالث لا يخلو من أمرين: الأول: أن هذا القول المحدث خطأ، فحينئذ لا يعتد
به. الثاني: أنه صواب فتكون الأقوال قبله باطلة وهذا مستحيل، ففيه نسبة الأمة إلى
تضييع الحق وأنها خلت في عصر من العصور من القول الصحيح. فكلا الاحتمالين باطل،
فيكون إحداث قول جديد باطل.
2- [بعض ح وبعض
ظ] الاجماع الضمني ليس بحجة، ويجوز إحداث قول جديد.
الإجماع
لا يؤخذ من الخلاف.
وأيضا
فأصحاب العصر السابق قد اختلفوا، فيستدل باختلافهم على أن المسألة خلافية، والخلاف
فيها سائغ ويجوز حينئذ إحداث قول جديد. وهم اجتهدوا فيها ولم يصرحوا بتحريم قول
جديد.
3- [-] التفصيل: فإن كانت أقوال
المختلفين بينها قدر مشترك والقول الجديد يرفع ما اتفقت عليه فهو باطل، وإن لم
يرفع فهو اجتهاد سائغ.
¬ مثال الأول -الباطل- : الصحابة اختلفوا
في ميراث الجد والإخوة:
فقال
بعضهم: يشرّك بينهم. وقال الآخرون: الميراث للجد، والأخوة محجوبون.
والقول
المشترك بين القولين: أن الجد لا يمكن أن يحرم من الإرث.
فلو
قال المتأخر: الميراث للإخوة والجد يحجب بهم لكان قوله باطلا مخالفا للإجماع.
¬ مثال الثاني -السائغ- : إذا اختلف
المتقدمون في العيوب هل يفسخ بها النكاح،
فقال
بعضهم: لا، والآخرون: نعم.
فلو
ذهب ذاهب بعد عصرهم إلى أن بعض العيوب يفسخ بها دون بعض، لما كان قوله مخالفا
للإجماع.
ترجيح
وتنبيه: العصمة إنما تثبت للأمة بشرط
الاتفاق، أما مع الاختلاف فلم تثبت لهم العصمة، بل ربما أخطأ كل منهم في بعض ما
قال وأصاب في بعضه الآخر فلا يمتنع أن يكون القول بالتفصيل هو الصواب.
أهل
الإجماع الذين ينعقد بهم
-
لا نزاع في أن من بلغ من العلماء درجة الاجتهاد يعتبر من أهل الإجماع، بغض النظر
عن سنه وطبقته وبلده.
-
ولا نزاع في أن الصبيان والمجانين والكفار ليسوا من أهل الإجماع.
واختلفوا
فيما عداهم: من العامة، والفساق، والمبتدعة، ومن عنده نوع علم.
فأما
[العامة] فالصواب أنهم ليسوا من أهله، فليست عندهم
آلة هذا الشأن.
وكذلك
[الفساق] ففسقهم تهمة تسقط عدالتهم.
وكذلك
[المبتدعة] متهمون في دينهم.
وأما
[من عنده نوع علم] فقيل: لا يعتد بقوله لشبهه
بالعوام، وقيل: بل يعتد إذا حصّل العلوم التي ينبني عليها الاجتهاد، وهذا مبني على
أن الاجتهاد يتجزأ، فيكون العالم مجتهدا في بعض أبواب الفقه ومسائله دون غيرها.
[هل يعتد بقول التابعي في عصر الصحابة؟]
1-[جـ] يعتد
به إذا بلغ درجة الاجتهاد قبل انعقاد الإجماع
¬ لأنه مبني على أن من بلغ درجة الاجتهاد
اعتد بقوله بغض النظر عن سنه وطبقته، والتابعون من جملة الأمة.
¬ ولا خلاف في أن الصحابة سوغوا ذلك،
فلما ولى عمر شريحا القضاء كتب إليه (ما لم تجد السنة اجتهد رأيك)
¬ وقال ابن عباس (لو أخذ أهل البصرة بقول
جابر بن زيد لكفاهم علما).
2-[بعض ش
والقاضي] لا يعتد به.
¬ لأن الصحابة شهدوا التنزيل وهم أعلم بالتأويل.
¬ وإنكار أم المؤمنين عائشة على أبي سلمة
لما خالف قول ابن عباس.
<الراجح> الأول: فضيلة الصحبة لا توجب اختصاصهم
بالاجتهاد دون غيرهم.
[هل يشترط في صحة الإجماع انقراض العصر؟]
المراد
بانقراض العصر: موت العلماء المجمعين على
حكم الواقعة قبل رجوعهم عن رأيهم.
في
المسألة خلاف، والراجح: أنه لا يشترط، فالحجة في اتفاقهم لا موتهم،
والصواب لا يتعدد، وإنما يجوز الرجوع في حال لم يجمع على حكم المسألة. وأنه لو
اشترط هذا الشرط لما تحقق إجماع أبدا، لتتابع ظهور العلماء باختلاف طبقاتهم.
[الإجماعات الخاصة]
كإجماع
أهل البيت عند الرافضة، أو إجماع الخلفاء الأربعة، أو إجماع أهل البصرة، وإجماع
أهل المدينة.
الراجح
كما عند [جـ] أن هذه الإجماعات لا حجة فيها؛
لأن أدلة حجية الإجماع تدل على إجماع الأمة إذا اتفقت.
[عمل أهل المدينة]
المقصود
به عملهم في عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين.
وقد
جعله القاضي عبدالوهاب بن نصر المالكي على ضربين: نقلي واستدلالي.
النقلي: كنقلهم الصاع والمد
والأذان والأوقات، وهذا حجة عند جماهير العلماء.
الاستدلالي: ما كان عن طريق
الاجتهاد. وهو محل الخلاف بين الجمهور والمالكية، بل إن المالكية أنفسهم مختلفون
على 3 أقوال فيه:
-
ليس بحجة ولا مرجح [الباقلاني والأبهري وأبو الفرج]
-
مرجح عند التعارض ولا يستدل به منفردا.
-
حجة.
حجة
[م] في عمل أهل المدينة: أن المدينة قد ضمت الصحابة وأبناءهم وأحفادهم، وما اتفقوا
عليه لابد أن يكون ظاهرا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيكون حجة، وكذلك ما
تركوه مع قيام الداعي إليه لا يتركونه إلا بحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والقول
الصحيح قول الـ[جــ]
ليس بحجة، فلا ينطبق عليه تعريف الإجماع، ومن شرطه اتفاق جميع الأمة، ثم إن
جمعا من علماء الصحابة قد خرجوا منها كـ علي وابن مسعود وابن عباس -رضي الله
عنهم-.
[انعقاد الإجماع بعد الخلاف]
إذا
اختلف أهل عصر ثم اتفقوا على حكم مسألة يعد إجماعا، وهو القول الصحيح،
لأنه قول كل المجتهدين في ذلك العصر، والقول الذي رجع عنه صاحبه لا عبرة به.
[والخلاف إن كان الاتفاق بعد انقراض العصر، فإن اختلف أهل عصر ثم
جاء أهل العصر الذي يليه واتفقوا، هل يسمى إجماعا؟]
1-[أبو الخطاب،
ح] إجماع، لأنه اتفاق جميع مجتهدي العصر
2-[القاضي وبعض
ش] ليس إجماعا، الأمة لم تجتمع على حكم واحد، ومتبع القول الذي مات
قائله لا يصدق عليه أنه اتبع غير سبيل المؤمنين.
[مخالفة الواحد والاثنين هل تنقض الإجماع؟]
1-[جـ] نعم
تخرمه، فلم يتحقق فيه شرط اتفاق الجميع، والعصمة للكل لا البعض.
2-[ابن جرير
الطبري] لا، اعتبار الأكثر وإلغاء الأقل، ولحديث (عليكم بالسواد
الأعظم).
حكم
المخالف للإجماع:
يحمل
التكفير والتفسيق من كلام العلماء على من أنكر الإجماع الصريح المنقول بالتواتر
والقطع، دلت عليه نصوص قطعية، فتكفيره أو تفسيقه لمخالفة تلك النصوص لا لمخالفة
الإجماع وحده.
وأما
ما عدا ذلك من الإجماعات فهي لا تعدو أن تكون ظنية.
_____
التلخيص من 3 كتب: المذكرة للشنقيطي، وإمتاع العقول لشيبة الحمد، وأصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله للسلمي