بسم
الله الرحمن الرحيم
الاستصحاب
تعريفه،
أنواعه، حكم العمل به، قواعد مبنية على الاستصحاب، هل النافي للحكم يستلزمه
الدليل؟
تعريفه
(الاستصحاب) لغة:
طلب الصحبة.
اص: الحكم بثبوت أمر في الزمان
الثاني بناء على أنه كان ثابتا في الزمان الأول.
معنى ذلك: إذا ثبت حكم بدليل معين في وقت
معين يبقى ذلك الحكم ثابتا حتى يرد دليل يرفعه.
وجه تسميته: أن المجتهد يستصحب
الحكم الأول حتى يرد ما يدل على ارتفاعه.
يسميه بعض الأصوليين: دليل العقل المبقي
على النفي الأصلي.
أنواعه:
1- استصحاب البراءة الأصلية
براءة
ذمة الإنسان من التكاليف الشرعية والحقوق المالية، حتى يقوم دليل على شغلها بشيء
من ذلك.
كالحكم
بعدم وجوب صلاة سادسة معلوم بالبراءة الأصلية.
وهذا
النوع هو الذي ينصرف إليه اسم الاستصحاب،
ويسمى البراءة الأصلية أو الإباحة العقلية.
الدليل
على اعتباره قوله تعالى ((فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى
الله))) لما نزل تحريم الربا خافوا من الأموال التي اكتسبوها منه قبل التحريم،
فبين الله سبحانه أنه على البراءة الأصلية، لا حرج عليهم فيه.
2- استصحاب الحكم الذي دل الدليل على ثبوته ولم يقم دليل على تغييره
كالحكم
بثبوت الزوجية بناء على عقد النكاح الصحيح من غير أن يطالَب الزوج بدليل على بقاء
العقد؛ لأن الأصل بقاؤه ما لم يرد دليل يغير ذلك الأصل.
3- استصحاب الدليل مع احتمال المعارض
كاستصحاب
حكم الدليل العام حتى يرد ما يخصصه، والنص حتى يرد ما ينسخه.
وقد
منع بعض العلماء تسمية هذا النوع استصحابا، لأن العمل به عمل بالنص.
4- استصحاب الحكم الثابت بالإجماع في محل الخلاف
فيه
خلاف: مردود عند الجمهور،
واعتبره بعض أهل العلم
مثاله:
المتيمم الذي شرع في الصلاة، وفي أثنائها رأى الماء،
محل
الإجماع: صحة الصلاة قبل رؤية الماء. ومحل الخلاف: بعد رؤية الماء.
فالمستدل
استصحب حال الإجماع في محل النزاع: فقال: صحة صلاة من تيمم لفقد الماء ثابتة
بالإجماع حتى يدل دليل على أن رؤية الماء في أثناء الصلاة مبطلة لها، ولا دليل على
ذلك.
فهو
استدل بالإجماع في الصورة المتفق عليها على الصورة المختلف فيها.
وهذا
النوع عند المحققين ليس بحجة لأنه يؤدي إلى التسوية بين موضع الاتفاق وموضع
النزاع وهما مختلفان.
الأنواع
الثلاثة الأولى حجة عند الجمهور
وذهب
الحنفية في المشهور عندهم إلى أن الاستصحاب يصلح الاستدلال به في النفي لا في
الإثبات.
أدلة
حجية الأنواع الثلاثة عند الجمهور:
¬
قوله
صلى الله عليه وسلم في الرجل يخيل إليه أنه أحدث في الصلاة (لا ينصرف حتى يسمع
صوتا أو يجد ريحا) فحكم باستصحاب حكم الوضوء مع الشك في وجود الناقض حتى يدل
الدليل على انتقاضه يقينا.
¬
قضى
عليه الصلاة والسلام أن اليمين على المدعى عليه، فجعل الأصل براءة ذمة المدعى عليه
حتى يثبت شغلها بالبينة الصحيحة، وهذا عمل باستصحاب الحال.
¬
العمل
به عمل بالظاهر، والعمل بالظاهر حتى يثبت خلافه مما اتفق عليه الصحابة والتابعون
والأئمة بعدهم.
قواعد مبنية على الاستصحاب:
§
اليقين
لا يزول بالشك.
§
الأصل
بقاء ما كان على ما كان.
§
الأصل
براءة الذمة.
§
الأصل
في الصفات العارضة العدم.
§
الأصل
إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته.
[هل النافي للحكم يستلزمه الدليل؟]
لا
خلاف في أن المثبت للحكم يطالب بالدليل.
[أما النافي فاختلف فيه]
1- [-] عليه الدليل
¬
قوله
تعالى ((وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا
برهانكم إن كنتم صادقين)) فطالبهم بالدليل وهم في موقف النافي.
2- [-] لا يجب عليه الدليل
¬
لأن
الدليل على النفي متعذر كإقامة الدليل على براءة الذمة، ولأن من طولب بدَين لا يجب
عليه دليل.
3- [-] يلزمه في الشرعيات دون
العقليات
¬
لأن
الشرعيات يمكن الاستدلال عليها بنص ونحوه خلافا للعقليات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق