بسم
الله الرحمن الرحيم
الاستحسان
تعريفه،
والرد على بعض تعاريفه المنتقدة، أنواعه، حكمه
(الاستحسان) أن يحكم على المسألة بحكم يخالف نظائرها
لدليل شرعي.
قيل في تعريفه: ما يستحسنه المجتهد
بعقله.
الرد: الاستحسان بالعقل مردود، لأنه
قد يكون حكما بالهوى.
قيل: دليل ينقدح في نفس المجتهد يعسر
التعبير عنه.
الرد: الذي يعجز التعبير عنه لا عبرة
به فإنه قد يكون وهما وخيالا.
ويتنوع بحسب ما يستند إليه إلى (6) أنواع:
1- استحسان
سنده النص
وهو
ترك الحكم الذي يقتضيه القياس أو النص العام، والعمل بمقتضى نص خاص.
مثاله:
أن الأصل ألا يبيع الإنسان ما ليس عنده وهذا مقتضى النص والقياس، ولكن ورد الدليل
بإباحة السلم وهو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد.
وتسمية
هذا النوع استحسانا غير مسلمة عند من ينكر العمل به؛ لأن هذا عمل بالنص الخاص،
وترك لمقتضى العموم.
2- استحسان
سنده الإجماع.
وهو
ترك مقتضى القياس أو العموم في مسألة جزئية لأجل الإجماع.
كجواز
دخول الحمام من غير تحديد المدة أو الماء المستعمل ولا الأجرة، فالإجماع منعقد على
جوازه مع أن القياس يقتضي عدم جوازه.
3- استحسان
سنده الضرورة.
كطهارة
الحوض الذي تغيرت أوصافه بنجاسة بصب الماء فيه حتى يذهب أثر النجاسة من لون أو طعم
أو ريح.
4- استحسان
سنده القياس الخفي
كالحكم
بطهارة سؤر سباع الطير كالصقر، مع أن القياس الظاهر يقتضي نجاسته كسؤر سباع
البهائم، ويعارضه قياس خفي أولى بالاعتبار، وهو اختلاط سؤر سباع البهائم بلعابها
النجس، وسباع الطير تشرب بمناقيرها والمناقير لا رطوبة فيها.
5- استحسان
سنده المصلحة.
كالحكم
بتضمين الأجير المشترك، وهو الذي لا يعمل لشخص بعينه، بل يقدم خدمة لكل من يحتاجه
مقابل أجرة معينة كالغسال والخياط. فالأصل أن الغسال إذا أعطي الثوب ليغسله فتلف
عنده من غير تفريط لا ضمان عليه، لأن هذا مقتضى عقد الإجارة، فالمصلحة المحافظة
على أموال الناس من الضياع، ولو لم يضمن الأجير لامتنع كثير من الناس من دفع
أمتعتهم إليه.
6- استحسان
سنده العرف.
أن
الأصل أن من حلف لا يأكل اللحم يحنث بأكل السمك لأنه لحم، ولكن قالوا: لا يحنث
استحسانا.
حكم
العمل به
الأنواع
الثلاثة الأولى لا خلاف فيها بين العلماء،
ولكن منهم من لا يسميه استحسانا.
وأما
الرابع فمن خالف فيه فإنما يخالف في رجحان القياس الخفي على الظاهر.
وأما
الخامس فالنزاع فيه مبني على النزاع في مستنده وهو المصلحة المرسلة هل تعد
دليلا؟ وكذا الشأن في السادس.
والاستدلال
بالاستحسان بأنواعه المتقدمة هو مذهب الجمهور
من الحنفية والمالكية والحنبالة.
وأما
الشافعي فقد نقل عنه إنكاره، والظاهر أنه لا ينكر الاستحسان بمعناه
المذكور، بل ينكر الاستحسان بمجرد الهوى، أو المستند على العرف والمصلحة
المرسلة والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق